يبيع اليهود أحلاماً من كل الأنواع، حتى لقاء ثمن بخس


يبيع اليهود أحلاماً من كل الأنواع، حتى لقاء ثمن بخس” 
هذا ما كتبه بازدراء جوفينال، الشاعر الهجائي الروماني 
(كان العديد من المفسرين اليهود يمارسون، في الواقع، في روما).
 ويبدو أن خبراء الأحلام كانوا يتجاوزون الحدود أحياناً، إلى حد أن الأمر كان يتم في نهاية الأمر على حسابهم. 
خذوا مثلاً بار حجّه Bar Hedja. كان بار حجه مفسر أحلام، يتنبأ أموراً طيبة لمن يدفع له أجرة مرتفعة. 
والحال أن اثنين من زبائنه، عباجي Abbaji ورابا Raba، كانا يحلمان بلا انقطاع بالآيات ذاتها من التوراة،
 لكن في حين يدفع عباجي للمفسر مبلغاً كبيراً يمتنع رابا عن الدفع. لذا كانت التفسيرات تختلف بالصورة ذاتها. 
وفي يوم من الأيام رأى الزبونان حلماً له علاقة بالآية التي تقول:



 “سيذبح ثورك أمام عينيك ولا تأكل منه” (تثنية- 28، 31).
 ولقد فسر بار حجه الحلم لرابا البخيل بالشكل التالي: “سوف تعترضك صعوبات في أعمالك، ومن همك لا تعود ترغب أن تأكل“، 
بينما تنبأ بالمقابل لعباجي الكريم ما يلي: “سوف تحقق أرباحاً في أعمالك، ومن فرط سرورك تفقد الشهية”. 
في مرة أخرى حلم الزبونان بالآية التي تقول: “بنين وبنات تلد لا يكونون لك لأنهم إلى السبي يذهبون” (تثنية ? 28، 41).
 وبالطبع يسهل تصور التفسير المعطى لرابا، أما لعباجي فقال المفسر ما يلي: “سيكون لك العديد من الأولاد، فتتزوج بناتك ويذهبن في كل الجهات، فتشعر أنت كما لو كن يمضين إلى السبي”. 
 وكان الاثنان يتقدمان إلى بار حجّة بالأحلام ذاتها على الدوام، هكذا، مثلاً، رأيا في منامهما هندباء أمام برميل مفتوح. ففي حالة رابا، كان ذلك يعني: “ستكون أعمالك مرة كالهندباء”، بينما في حالة عباجي: “ستزدهر أعمالك كالهندباء”. 
وقد حلم الاثنان مرة أن بيتهما قد انهار، فقال بار حجة لرابا: “سوف تموت امرأتك (الرمز: امرأة/ بيت هو رمز قديم جداً)، وقال لعباجي: “سوف تكتسب أملاكاً لا حدود لها”. 
(وهذا التفسير لا يقل صحة بما يخص مضمونه الرمزي. في كل حال لم يكن بار حجه يقترف أكاذيب، بل يختار حسب الحاجة، ضمن العديد من التفسيرات الممكنة للرموز الداخلة في الحلم، بين الأفضل والأسوأ). ويبدو أن رابا لاحظ، بعد أن فقد زوجته وأولاده، من أين يأتي شقاؤه، فأتى بمال إلى نار حجه. وسرعان ما تغير قدره، فمذ ذاك صار بار حجه يرى له في أشد الأحلام مقتاً بشائر مؤانية، أو على الأقل غير مؤذية. حلم رابا مثلاً أن قصره ينهار، ثم أتى أناس من أقطار العالم وراحوا ينقلون قرميداته جميعاً، فتنبأ له المفسر بأن أفكاره “ستنتشر في أنحاء العالم”. وحلم رابا أن رأسه انشق وسقط منه دماغه. وبالطبع أرعبه ذلك كثيراً، إلا أن بار حجه عزاه بقوله: “سوف يخرج كل القطن من مخدتك، ولن يحدث شيء أكثر من ذلك”. وفي يوم كان على رابا أن يبحر فيه مع بار حجه على ظهر مركب، سقط كتاب لتفسير الأحلام من أمتعة المفسر، فالتقطه رابا وانفتحت أوراقه على المقطع التالي: “كل الأحلام تتطابق مع لغة المفسر”، فقرأ رابا الجملة وأشهر بار حجه قائلاً: “أيها المجرم، كان مصيري بين يديك، وأنت سببت لي كل هذا الحزن! إنني أغفر لك كل شيء إلا موت امرأتي. عسى يدفع بك الله إلى الدينونة العامة التي لن تترأف بك!”. أما بار حجه فلم يعرف في البدء ما يفعله إزاء هذه اللعنة، لا سيما أنه يشعر بالذنب. إلا أنه قرر فيما بعد أن يهاجر، لأنه قيل: “الهجرة تغسل الخطيئة”. وقد رحل المفسر إلى روما، وهناك جلس أمام باب الخياط الملكي الكبير. وحين رأى هذا الأخير حلماً في الليل، استدعى بار حجه وقال: “رأيت في الحلم إبرة تدخل إصبعي، فما يعني ذلك?”. فأجاب بار حجه: “أعطني سسترساً (قطعة نقود)!”. ولما لم يتلق شيئاً، لم يقدم أي تفسير. وقال الخياط الكبير في الغد: “حلمت بعثّة سقطت على اثنين من أصابعي”، فأجاب بار حجه مرة أخرى: “اعطني مالاً”. إلا أنه لم يحصل على شيء ولم يعط أي تفسير. في الأخير، قال الخياط الكبير على مسمع منه: “رأيت عثّة تسقط على يدي”، فأجاب دار حجه هذه المرة: “لقد سقطت حشرات العث في كل ثياب الملك الحريرية”. وحين بلغ هذا النبأ القصر الملكي، دُفع بالخياط الكبير إلى العدالة وكانت هناك نية بالحكم عليه بالإعدام. فسأل المتهم: “لماذا تريدون قتلي? الأفضل أن تحاسبوا من رفض أن يفسر لي الأحلام التحذيرية الأولى!”. فمضى من يأتي ببار حجه ويعنّفه قائلاً:” بسبب سسترساتك تلفت كل أثواب الملك”. وقد ربطوا أرزتين بحبل، ثم أوثقوا قدماً للمحكوم عليه بأرزة والقدم الأخرى بالأرزة الثانية. ثم أرخوا الحبل فتباعدت الأرزتان. كنابض ومزقتا بار حجه إلى جزأين..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المعلبات في المنام

رمز العضو الذكري

الجاهة في المنام